قائمة المدارس العليا للأساتذة
المدارس العليا للأساتذة في الجزائر
تُعدُّ المدارس العليا للأساتذة مؤسَّسات تعليميّة عاليّة وطنية تابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، مهمّتها تكوين أطر تربوية متخصِّصة لتغطية حاجيات قطاع التربية الوطنية. يجمع التكوين فيها بين الدراسة الأكاديمية في التخصُّص العلمي المراد تدريسه (كالرياضيات أو اللغات أو العلوم) والتكوين البيداغوجي التربوي. فمثلاً يشير قسم الرياضيات بأحد هذه المدارس إلى أن حاملي شهادة الإجازة في الرياضيات مخصَّصون للتّدريس في المرحلتين الثانويّة والمتوسّطة، ويستلزم البرنامج التكويني خمس سنوات لأستاذ الثانوي وأربع سنوات لأستاذ المتوسط. ويُركِّز المنهج التدريسي على تكوين أساسي في التخصّص (كتحليل وجبر وهندسة في الرياضيات) إلى جانب مقرّرات في علوم التربية (كعلم النفس التربوي، المناهج، التشريع المدرسي). وتشمل المناهج وحدات نظرية في علم المادة (رياضيات، فيزياء، لغات، إلخ)، ووحدات عمليّة (مختبرات وعَمَل موجه في العلوم الطبيعية أو الكيمياء مثلاً)، بالإضافة إلى وحدات تربوية وتكوينيّة تأهيلية. ويختمُ التعليم الجامعي بمذكرة تخرج (أطروحة تطبيقية) في تخصُّص الطالب، تنمّي مهارات البحث العلمي لديه.
الهيكل التنظيمي
تنظَّم كل مدرسة عليا للأساتذة بموجب مرسومٍ وزاري ويُشرف عليها مدير عام، وتضم مديريْن مساعدين، على الأقل، لكل منهما مهام مختلفة (أحدهما مُكلَّف بالتكوين العالي والبحث، وآخر بأنظمة الإعلام والاتصال، وثالث بالتعليم والشهادات مثلاً)، بالإضافة إلى أمانة عامة ونواب للمدير في الشؤون الإدارية والمالية. كما تضمُّ مصالح تقنية مختلفة (مركز الطباعة والسمعي البصري، مركز الحوسبة والشبكات، المكتبة المركزية، إلخ). داخليّاً، تمتلك المدرسة مجلساً بيداغوجيّاً لتنسيق البرامج التعليميّة ومجلساً علمياً لأعمال البحث وضمان الجودة، إضافةً إلى خلية ضمان الجودة وتقييم الأداء الأكاديمي.
التخصُّصات والمواد المدروسة
تُغطِّي المدارس العليا للأساتذة جميع التخصّصات الأساسية في المنظومة التعليمية. فبالإضافة إلى الرياضيات والعلوم الطبيعية والفيزيائية، توجد أقسام للّغات (اللغة العربية، الفرنسية، الإنجليزية، الأمازيغية)، والعلوم الإنسانية (التاريخ والجغرافيا، الفلسفة)، والتربية الرياضية والفنون، وغيرها. فعلى سبيل المثال، تضمُّ المدرسة العليا ببوزريعة أقساماً للغة العربية والفرنسية والإنجليزية والأمازيغية والتاريخ والجغرافيا والفلسفة والتربية البدنية، بينما يركِّز قسم الرياضيات بإحدى المدارس على تكوين معلمي المادّة للمرحلتين المتوسّطة والثانوية.
المناهج العلمية والتطبيقية
تعتمد المناهج على المزج بين الجانب النظري والتطبيقي. ففي المرحلتين الأولى والثانية من الدراسة الجامعية (الإجازة والتدرّج الأول)، يحضر الطالب محاضراتٍ ومصادر نظرية في مادته التخصصية، كما يؤدي أعمالاً تطبيقية (مختبرات علمية، أعمال موجهة) مرتبطة بالمناهج. إلى ذلك تدمج المناهج مقرّرات تربوية متخصصة (علم نفس تربوي، مناهج تعليمية، تشريع مدرسي)، تهدف إلى تأهيل الطلبة لممارسة التدريس بكفاءة. ويُختتم التدريب بإعداد رسالة تخرج (مشروع بحثي أو تطبيقي) في آخر سنة دراسية، فتُمكّن الطالب من تعلم مهارات البحث العلمي وتطبيق معارفه التربوية والعلمية.
الجانب التطبيقي والتربصات
تُعدُّ فترة التدريب العملي في المؤسسات التعليمية (التربص الميداني) جزءاً أساسياً من تكوين الطالب-الأستاذ. إذ يكتسب الطلبة خبرة ميدانية مباشرة من خلال تدريبات تطبيقيّة في المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية، تحت إشراف موجهين تربويين. يسبق التخرّج إبرام عقود عمل تكوين (التوظيف المبكّر)، وتظلّ هذه الممارسة معمّمة كلّ سنة لضمان تدريب كل خريج على ممارسة مهنة التدريس. ويحصل الطالب في خاتمة التكوين على شواهد بكالوريا مدرّسة (ليسانس في التربية) تؤهله بشكل مباشر للالتحاق بسلك التعليم.
شروط التخرّج والإدماج
للتخرّج، يجب على الطالب استيفاء متطلبات البرنامج الدراسي اجتياز جميع المواد وإتمام التربصات الميدانية بنجاح. وتؤكد وزارة التربية الوطنية أن حق خريجي المدارس العليا للأساتذة في التوظيف مُكفول قانونياً: إذ يوقّع كل خريج عقدَ توظيف في بداية سنته النهائية، يضمن له منصب عمل في القطاع التربوي مباشرةً بعد التخرّج. وبذلك يصبح إدماج خريجي هذه المدارس في سلك التعليم أمراً مضمونا، ولا تفصله عن توظيفه أيّة إجراءات تنافسية إضافية.
مدة التكوين وتوزيع السنوات
تختلف مدة الدراسة حسب المستوى المستهدف. فقد حُددت مدّة الإجازة في التربية (ليسانس) بثلاث سنوات للتكوين الموجَّه للأساتذة الابتدائيين، وأربع سنوات للأساتذة المتوسطين، وخمس سنوات للأساتذة الثانويين. ويجري توزيع هذه السنوات بين دورات دراسية تخصصية وأخرى تربوية عمادها المناهج البيداغوجية والبحثية، ويُختتم كل مسار بسنة ثانية أو ثالثة ترمي إلى التخصص العميق أو متابعة دراسات عليا (ماستر) لمن يرغب في ذلك.
علاقة المدارس العليا للأساتذة بقطاع التربية الوطنية
ترتبط هذه المدارس تعاونياً مع وزارة التربية الوطنية، بمعنى أن أهدافها تتوافق مع احتياجات الإصلاح التربوي وتخطيط الموارد البشرية لقطاع التعليم. فهي تُخرّج معلمين مؤهّلين وفق مناهج وطنيّة ترعاها وزارة التربية، كما أن الإشراف على ضمان توظيفهم يقع ضمن اهتمامات الوزارة الوصية. وقد أكدت الوزارة مراراً أن خريجي المدارس العليا للأساتذة يتمتعون بضمان إدماج تام في أسلاك التعليم الوطني بفضل عقود التوظيف المسبق التي تُوقع قبل التخرّج.
